إن من واجبات الانتقاء الجيد هو تحديد إمكانيات الناشئ التي يمكن من خلالها التنبؤ بالمستوى الذي يمكن أن يحققه خلال سنوات عمره التي سيقضيها في ملاعب كرة القدم، وتستهدف عملية الانتقاء في مجال كرة القدم الوصول إلى مستويات عالية في هذا المجال، وقد ظهرت الحاجة إلى هذه العملية نتيجة اختلاف الناشئين في استعداداتهم البدنية والعقلية والنفسية، وقد أصبح من المسلم به إمكانية وصول الناشئ إلى المستويات العالية في المجال الرياضي تصبح أفضل إذا أمكن من البداية انتقاء الناشئ وتوجيهه للخانة المناسبة التي تتلاءم واستعداداته وقدراته الفنية والبدنية والتنبؤ بدقة بمدى تأثير عمليات التدريب على نمو وتطوير تلك الاستعدادات والقدرات بطريقة فعالة تمكن اللاعب من تحقيق التقدم المستمر في كرة القدم وذلك هو جوهر عملية الانتقاء.

كما ترتبط عملية الانتقاء للناشئين ارتباطاً وثيقاً بظاهرة الفروق الفردية، وتقوم أساساً على تحديد الفروق الفردية بي الناشئين في الاستعدادات والقدرات المختلفة الخاصة بالناشئ كفرد

وهناك مراحل للتعرف على الناشئين الموهوبين، أهمها:

 أ-المرحلة الأولى :وهي مرحلة التعرف المبدئي على الناشئين، وتهدف هذه المرحلة إلى تحديد الحالة الصحية العامة للناشئ، واستبعاد من لا تؤهلهم لياقتهم الطبيعية لممارسة كرة القدم. وتتعرف هذه المرحلة على المستوى الأولي للصفات البدنية والنفسية والبيولوجية (فسيولوجي، مورفولوجي)، حيث يتم من خلال هذه المرحلة ”الفرز الأولي للناشئين الموهوبين في كرة القدم، واختيار الناشئين الذين يظهرون استعدادات رياضية عامة. وتستهدف هذه المرحلة تحديد:

ــ الحالة الصحية العامة للناشئ من خلال الفحوص الطبية.

ــ استبعاد من لا تؤهلهم لياقتهم الطبية لممارسة الرياضة.

ــ الكشف المبدئي للصفات البدنية والخصائص المورفولوجي، والوظيفية.

ــ الكشف على سمات الشخصية لدى الناشئين.

ومن ثم يتم انتقاء أفضل الناشئين من بين من نجحوا في الاختبارات الأولية، وتنحصر أهمية هذه المرحلة في كونها تمكن الناشئ من ممارسة كرة القدم، كما تسمح بمعرفة الموهوبين لتوجيههم وخلق الرغبة في نفوسهم لممارسة كرة القدم

وعند إجراء عملية الانتقاء للمرحلة الأولى يجب أن تحدد المواصفات الآتية كمحددات:

1ــ الحالة الصحية العامة للناشئ: وتشمل جميع الأجهزة الوظيفية للجسم كالجهاز التنفسي، وجهاز الدوران، وضغط الدم، ووظائف الأجهزة الداخلية الأخرى، وعملية التمثيل الغذائي.

2ــ القياسات الجسمية :مثل طول وعرض وسمك ووزن ومحيط الجسم وأجزائه قياساً بمن حوله من الناشئين، ومعرفة التميز في أي القياسات لتحديد خانة اللعب التي يمكن أن يبرز فيها

ــ النمط الجسمي الذي يلعب دوراً مهما، فالجسم النحيف يحتاج إلى جهد كبير لزيادة الوزن، والجسم الضخم يحتاج إلى جهد مضاعف من جميع الأطراف حتى ينزل للوزن المثالي، وكلتا الحالتين تضيعان الجهد والوقت والمال، وربما لا تأتي النتائج المرجوة إذا تقاعس أي طرف من الأطراف.

ــ الظروف الاجتماعية: لكل لاعب كالمستوى الاجتماعي والاستقرار العائلي والمادي3

ــ مستوى القدرات البدنية: من عناصر اللياقة البدنية ودرجة تفوقه على أقرانه.4

ــ السمات النفسية والإرادية.5

إن إجراء القياسات الفسيولوجية للاعب كرة القدم مهمة وضرورية عند التخطيط لبرامج تدريب المنتقين، نظراً لأن البيانات المستخلصة من هذه القياسات تكشف عن مدى ما تتمتع به أجهزة اللاعبين من كفاءة وظيفية التي تتحدد في ضوئها مكونات حمل التدريب، وتظهر أهميتها أيضاً في متابعة تقدم اللاعب خلال فترات الإعداد المختلفة، وفي تعديل برامج التدريب بما يتماشى ونتائج هذه القياسات، وتتحدد بإجراء الكشف الطبي الذي يحدد الحالة الصحية العامة للناشئ.

وهناك المقاييس الإنثربومترية التي توضح بعض المراجع مصطلح القياسات الإنثروبومترية بدلاً من القياسات الجسمية وكلمة إنثروبومتري، هي كلمة مشتقة من مقطعين باللغة الإغريقية، وهما Anthropo، ويقصد بها الإنسان وMetry، وتعني القياس أي تعني في مجملها قياس جسم الإنسان وأجزائه المختلفة.

لذا فإن القياسات الجسمية هي القياسات التي تبحث في قياس الأبعاد الجسدية للإنسان الأطوال والأوزان والأعراض والمحيطات والأحجام وكذلك نسبة الدهون

أما القياسات البدنية فهي القياسات المرتبطة بالصفات والقدرات البدنية كالقوة والسرعة والمرونة والرشاقة والتحمل، وهي التي تمكن لاعب كرة القدم من القدرة على أداء مختلف المهارات الحركية التي تطلبها لعبة كرة القدم، وتشكل حجر الأساس لوصول الفرد إلى أعلى المستويات في الأداء الراقي في كرة القدم.

وهناك الجوانب النفسية والتربوية التي تتضمن الخصائص العقلية للناشئ، وسمات شخصيته. وقد أثبتت التجارب أن سمات الشجاعة وقوة الإرادة ضرورية عند الانتقاء، ويستخدم في ذلك الاختبارات النفسية، والاستبيانات، والمحادثات الخاصة، وهذا ما يجعل العوامل النفسية في مجال الانتقاء تكتسب أهمية خاصة؛ لأنها تشمل السمات العقلية والقدرات الإدراكية والسمات الانفعالية، ولذا يجب الاهتمام بانتقاء الناشئين الذين يتميزون بسمات مزاجية إيجابية مع مراعاة توجيههم نفسياً وتربوياً والسمات الخلقية والإدراكية، والاستقلالية والتصميم والمثابرة وضبط النفس واحترام الذات والتغلب على الخوف. كما يجب أن يتم الاهتمام باكتشاف هذه السمات خلال مرحلة الانتقاء وتنميتها وتطويرها من خلال مراحل الإعداد النفسي القصير والطويل المدى، والكشف المبكر عن الميول والاتجاهات يحدد مدى إيجابية الناشئين الذين يتم انتقاؤهم ومدى إسهام ذلك في تحقيق التفوق في المجال الرياضي، إلى جانب الاستعدادات حتى تتكامل مع القدرات البدنية.

وتكتسب الجوانب البدنية أهمية أخرى، فإضافة إلى الحاجة لانتقاء اللاعب ذي المهارات الفنية، والمعرفة الخططية، فإنه يلزم انتقاء اللاعب المتميز بالصفات البدنية المطلوبة، إذا كانت عملية انتقاء اللاعبين في المراحل الأولى تمكننا من التعرف على استعداداتهم وقدراتهم البدنية، فإن التنبؤ بما ستؤول إليه هذه الاستعدادات والقدرات في المستقبل يعد من أهم أهداف الانتقاء، حيث يمكن إلى حد كبير تحديد المستقبل الباهر للناشئين، ومدى ما يمكن أن يحققه من نتائج، ولذلك يستلزم بالضرورة انتقاء الناشئين من أصحاب المواصفات التي تتطلبها ممارسة كرة القدم خاصة البدنية حتى نضمن ثبات نمو الصفات البدنية في مراحل النمو المختلفة، بمعنى أن تظل معطيات النمو ثابتة خلال مراحل نمو الفرد منذ الطفولة المبكرة، وحتى الطفولة المتأخرة، وحتى مراحل المراهقة وما بعدها. وقد اتجهت الدراسات والبحوث لدراسة عوامل الثبات في نمو بعض الصفات البدنية، وتشير النتائج إلى أن عامل الثبات يتحقق في بعض الصفات، بينما لا يتحقق في صفات أخرى.